EN

سحر

سحر

#شجاعة

"أنا مش مع مقولة إن اللي اتحرم من حاجة مايقدرش يديها." 



امتلأت حياة سحر بالتحديات، أولها هو دخولها دار الرعاية في سن التسع سنوات بعد أن كانت مع أسرتها الطبيعية. كانت هي الفتاة الوحيدة المقيمة في دار مختصة برعاية البنين، فمثل لها هذا تحدي آخر؛ حيث علمت نفسها الحفاظ على مساحتها الشخصية وفهم الحياة في سن مبكرة. لم يفهم القائمون على رعايتها أنها تمر بأزمة نفسية وأنها غير قادرة على التعبير عن مشاكلها، فأُدخلت لدار خاصة بذوي الهمم، وهنا اعترضت على الوضع وثارت، مؤكدة عدم احتياجها لهذا النوع من الرعاية. بلغت السابعة عشر ونُقلت إلى دار للفتيات حيث كانت تكبر أخواتها بعشر سنوات. شعرت سحر بالوحدة الشديدة خلال كل مرحلة وجاهدت لتتأقلم على الأوضاع المختلفة ولعلها قررت في عقلها الباطن أنها ستكسر هذه السلسة من المعاناة بنفسها، عندما تصبح أم. 

 

"مشكلتي كانت إن الناس كانت بتتعامل معانا على إننا شغل." 

 

لاحظت سحر اختلاف مستويات الاهتمام بها وبأخواتها باختلاف الأشخاص العاملين في دور الرعاية. تقول "ماكنش حد خايف علينا حقيقي، احنا كنا بالنسبالهم شغل وهم بعد فترة بيتغيروا." توفرت لدى سحر كل الاحتياجات المادية ولكن لم يلتفت أحد لاحتياجاتها النفسية والمعنوية ... "مش بياخدوا بالهم كل واحد محتاج ايه بجد، هو عايش ليه أو نفسه يعمل إيه، هو نفسياً كويس ولا لاء، الجزء الإنساني مش موجود." لم تُمنح أي اختيارات فيما يتعلق بالدراسة، درست السياحة والفنادق في المرحلة الثانوية ونظم المعلومات في المرحلة الجامعية. كان لديها اهتمام خاص بالصم والبكم، أرادت أن تفعل أي شيء لتسهيل التواصل معهم. تعلمت لغة الإشارة وأتقنتها وبدأت مدونة للكتابة عن هذه القضية. تبدل الحلم مع مرور الوقت، وأرادت العمل بمجال الحاسب الآلي ثم تغير الحلم مرة أخرى بعد انضمامها لبرنامج فرصة -أول برامج سند التي استهدفت الشباب- عندما تأكدت أن شغفها الأساسي هو الرسم والفن.

 

  

 

عرفت سحر سند عام ٢٠١١من خلال برنامج فرصة حيث كانوا يستهدفوا الشباب في دور الرعاية.  كان برنامج عن اكتشاف الذات ومعرفة أول الطريق، تعرفت من خلاله على فن المونتاج والإخراج وأتيحت لها فرصة تدريب، تقول سحر عن تلك المرحلة " سند كانت طوق نجاة في الوقت دا."  

 

أتاحت لها سند فرصة تدريب أخرى في شركة هاني محفوظ للتصميمات الفنية والجرافيك. شاركت بعد ذلك في ملتقى الشباب حيث يتقابل شباب دور الرعاية مع فريق سند كل شهر أو اثنين لمعرفة فرص العمل والتعلم والبرامج المتاحة. عن طريق الملتقى حصلت على فرصة أخرى للتدريب في شركة جيزة سيستمز وتقول عن تجربتها في هذه المرحلة: "إتعلمت وقتها إن اللي عايز حاجة يقدر يعملها، واكتشفت إني مابحبش الروتين واتعلمت أفكر في نفسي كأولوية." كما شاركت سحر مؤخراً في ورشة الحكي التي ساعدتها في فهم بعض عناصر الصحة النفسية والتعبير عن الذات  "إتعلمت ازاي أحكي من غير ما أخاف، ازاي أحكي صح وأخلي الناس تلتفت وتسمعلي."

 

"سند فرصة مفتوحة للتعلم، واكيد هيكونوا سبب أساسي يساعدوني في المستقبل." 

 

تخرجت سحر عام ٢٠١٢ وبدأت تفكر في أهمية العمل والتخطيط للمستقبل. عملت بإدارة التفتيش والعلاقات العامة بأحد مؤسسات الرعاية. ثم حصلت على ترقية وبدأت العمل في إدارة الأسرة والطفولة "كنت ساعتها أشوف أي حاجة محتاجنها اخواتي وأحاول أوفرها، كنت سعيدة لأني كنت حاسة إني بجيب الحقوق." وعملت لفترة مع وزارة التضامن الاجتماعي أثناء التخطيط لمشروع خط ساخن للأيتام يساعد من خلاله شباب دور الرعاية بعضهم البعض. بدأت تعمل سحر مع سند عام ٢٠٢١ كمنسق تطوير بيوت رعاية. تتذكر الدروس التي تعلمتها من سند بشكل مباشر وغير مباشر، وقت الأزمات النفسية تتذكر قيم مثل الرضا والاستمرار لتحقيق الغايات ... "إتعلمت من سند المثابرة، كيفية الوصول للهدف بدون أزية النفس أو أزية شخص آخر." وتعتبر عملها فرصة ذهبية لتعلم قواعد وأساسيات التربية الصحية السليمة لتطبقها بشكل عملي مع اخواتها وابنتها. 

 

تعيش سحر مع والدة زوجها التي تحبها كأمها والتي تعلمت منها الكثير ولكنها مازلت تحلم بالاستقرار في بيتها الخاص وتنوي تغيير مسارها الشخصي من خلال تربيتها لابنتها كارما، تقول عنها: “مش عايزة أفكر بطريقة زمان، عايزاها تفكر هي عايزة ايه في المستقبل. مش عايزة اختارلها، عشان انا حياتي كلها الناس هي اللي اختارتها لي." تحلم سحر بالعمل في مجال الفنون والتصميمات حتى وإن أخذ تحقيق هذا الحلم المزيد من الوقت والمجهود. تنوي بدء تلك الرحلة بتعلم اللغة الإنجليزية من خلال منحة توفرها سند، لتبدأ بعدها تعلم أساسيات وبرامج التصميم الفني.  

  

 

جميع الحقوق محفوظة لجمعية سند © 2024